Jun 8, 2023

كشف أسرار فن الرسوم المتحركة: حوار مع إد هوكس، خبير الرسوم المتحركة الشهير

أجرت الحوار آية قنديل، مشرفة قسم التحريك (Animation Supervisor) في چيرافيكس.

١- متى أدركت شغفك بتقديم تدريبات لفناني التحريك؟ هل تذكر لحظة معينة دفعتك إلى ذلك؟

في العام 1996، كنت ممثلًا ناجحًا ومعلم تمثيل في لوس أنجلوس وسان فرانسيسكو. وكان أحد طلابي -ويدعى كين بيلبينبيرج- يعمل صباحًأ رئيسًا لقسم المؤثرات البصرية (VFX) في استوديو رسوم متحركة اسمه باسيفيك داتا إيمدجس (Pacific Data Images). سرعان ما استحوذت شركة دريم ووركس (DreamWorks) على الاستوديو، في الوقت التي كانت تعمل فيه على فيلم النملة زد بطولة وودي آلين. اقترح كين على فناني الرسوم المتحركة أن أبدأ تعليمهم التمثيل داخل الاستوديو، وما أن دخلت ورأيتهم واضعين سماعاتهم على آذانهم، تحمست ورغبت أن أكون جزءًا من هذا العمل.

ومن هنا، أدركت سريعًا أن تعليم التمثيل لفناني التحريك يختلف عن تعليمه للممثلين، وقد منحني عملي في استوديو باسيفيك فرصة لتجربة أساليب تدريس مختلفة تناسب هؤلاء الفنانين. وابتكرت تعليم التمثيل لفناني التحريك! فبعد إطلاق فيلم النملة زد دونت النسخة الأولى من كتابي (التمثيل لفناني التحريك). وفي عامنا هذا، 2023، ستطلق دار روتلدج في لندن الطبعة الخامسة المحررة من الكتاب. ولحسن حظي خضت رحلة رائعة على مدار السنوات، قدمت خلالها دوراتي المتخصصة في أكثر من 35 بلدًا، كانت مصر من بينها!

٢- هل يستحيل بلوغ أداء تمثيلي مثالي؟ وهل شاهدت فيلم رسوم متحركة حقق ذلك؟

سأجيب عن سؤالك بمثال من المسرح لا السينما. أسافر في أبريل القادم إلى لندن مع زوجتي كالي لمشاهدة مسرحية يوجين أونيل الكلاسيكية "رحلة النهار الطويلة إلى الليل"، حيث يلعب بريان كوكس دورًأ رئيسيًا فيها وهو دور أب لأسرة مكروبة. في ظنك، لماذا قد أذهب خصيصًا لأشاهدها مرة أخرى وأنا على علم تام بالمسرحية وأحداثها، وشاهدت عشرات الأعمال المميزة المبنية عليها على مر السنين؟ الإجابة هي الرغبة في رؤية كيفية أداء كل ممثل لهذا الدور، فأنا واثق أن أداء بريان كوكس يختلف عن أي أداء ممثل آخر. هذا هو التمثيل، ليس فيه أداء مثالي، بل لكل ممثل أداء وأسلوب متفرد في تقديم الشخصيات.

بالتأكيد هناك أداء خرافي لا ينسى، مثل مارلون براندو في فيلم "عربة اسمها الرغبة" عن مسرحية تينسي وليامز. فرغم مشاهدتي العديد من الأعمال المبنية على هذه المسرحية، يظل أداء مارلون في هذا الفيلم استثنائيًا. أما عن الرسوم المتحركة، فأحب الأداء التمثيلي في فيلم العملاق الحديدي وفيلم كورالين، وإن كان لا يسعني وصفه بالأداء المثالي.

٣- قلت: "التمثيل لا يعبر عن الكلمات، بل النوايا"، هلا شرحت معنى ذلك؟

لنضرب مثلا باللحظة التي خطر على بالك فيها دعوتي لإجراء هذا الحوار، أراهن أنك لم تكوني تتحدثين، بل عقدتي "النية" داخلك على فعل ذلك؛ صار لديك "هدف" يمكن تحقيقه. وغالبًا لم يكن لديك ساعتها "صراع أو عقبة"، التي تعد عاملًا أساسيًا لتحقيق الواقعية المسرحية، لكني أظن أن مشاهدة تعبيراتك في هذه اللحظة الخالية من الحوار أمر شيق. لي صديق يدعى باي رايت، كان مسؤول تحريك وجه شخصية غولوم في أول أجزاء ثلاثية مملكة الخواتم، أخبرني رايت أن فناني التحريك دونوا أفكار غولوم إلى جانب نصوصه الحوارية، أي أنهم كانوا ينفذون التحريك وفق أفكاره! وقد أثبتت هذه الطريقة نجاحها؛ فشخصية غولوم كانت مخادعة، تقول شيئًا وتضمر غيره. لا علاقة للتمثيل بالكلمات، فقط قم بالتحريك بناءً على الأفكار.

٤- قلت: "لا مشهد دون صراع"؛ فهل ينطبق قولك على العقبات الكبيرة التي تواجهها الشخصيات في طريقها لتحقيق هدفها فقط؟ أم على الأفعال الصغيرة أيضًا؟ هل يجب احتواء كل مشهد على عقبة تحتاج الشخصية إلى تجاوزها؟

بشكل عام، كلما كان الصراع أقوى، كان المشهد أفضل. إذا كنت أخوض صراعًا للاختيار بين تنظيف أسناني أو التكاسل، فهذا صراع لن يهمك أو يهم أي أحد، لكن إذا كنت أخوض صراعًا للاختيار بين ركوب سفينة فضائية متجهة إلى القمر أو عدم فعل ذلك، فقد يثير هذا اهتمامك. وعلى كل حال، يعتمد الأمر كله على القصة التي نحكيها.

لا تنسي أن الصراع عنصر أساسي في التكوين المسرحي، والممثلون يتعلمون أن اللحظات المسرحية تستوجب تكوينًا متكاملًا طوال الوقت. "ما هدفي؟" و"ما الفعل الذي أتخذه لتحقيقه؟" و"ما الصراع التي أخوضه في سبيل ذلك؟"، وتذكري أن هناك ثلاثة أنواع من الصراعات فقط: 1- صراع مع النفس، 2- صراع مع الواقع، 3- صراع مع شخصية أخرى. بالتأكيد يمكنك مواجهة أكثر من صراع في الوقت نفسه، لكن الأزمة تظهر حين لا نجد أي صراع على الإطلاق.

٥- كيف نحرك مشاهد الصمت، تلك التي تنصت فيها الشخصية أو تغرق في التفكير مثلًا؟

حين تنصت شخصية إلى أخرى، فهي تفكر في رد، ثم تقرر عدم المقاطعة. الإنصات -في حقيقته- فعل. أما إذا كانت الشخصية جالسة على كرسي في شرفة تفكر في أمر ما، فقد يكون هذا مشهدًا يثير الاهتمام لوهلة، لكن لا ينبغي مواصلة عرض مثل هذا المشهد فترة طويلة لأن المشاهد يكون بانتظار قيام الشخصية بـ"فعل" ما.

٦- اذكر لنا تجربة محببة في مهرجان رسوم متحركة؟

دعيت مؤخرًا لتقديم دورتي المتخصصة في شركة ألعاب فيديو تسمى سوبرسيل في هيلسينكي بفنلندا، واتفقت معهم على مقابلة ممثل الشركة في ردهة المبنى الساعة التاسعة صباحًا. وصلت فوجدت رجلًا يصغرني بقليل في انتظاري. اقترب مني الرجل وعانقني بقوة، وقال لي: "حضرت دورتك المتخصصة في مهرجان رسوم متحركة في ساو باولو بالبرازيل قبل عشرين سنة، وما تعلمته في تلك الدورة لازمني وأثر على مساري المهني كله. عملت مع ديزني ودريم وركس واستوديوهات ألعاب كثيرة. أنا سعيد في سوبرسيل فهنا يمكنني التعبير عن مبادئي. لقد تعلمت الكثير في دورتك، لقد تعلمنا الكثير منك، وأنا سعيد للحصول على فرصة لإخبارك بهذا". 

سررت حقًا بحفاوة اللقاء، وبالعلاقة التي بدأت قبل سنوات طويلة في مهرجان بالبرازيل. أنا أقدر حقًا هذا النوع من الأشياء!

٧- ماذا تغير في مهرجانات الرسوم المتحركة بمرور السنوات؟

أصبح بعض المهرجانات تجارية بشدة، ولحسن الحظ أن ذلك البعض لا الكل. أرى أن الرسوم المتحركة هي أقل فنون القرن الحادي والعشرين استخدامًا وتقديرًا. بالطبع يجب أن يحصل منظمو المهرجانات على ما يستحقون، لكن ينبغي أن يظل التركيز الأساسي منصبًا على الفنانين الحاضرين؛ فالجيل القادم من الفنانين هم أهم من في هذا المجال، وعلينا ألَّا ننسى ذلك أبدًا.

٨- ما الذي يمكن إضافته إلى مهرجانات الرسوم المتحركة؟

السماح لعدد أكبر من الحاضرين بعرض أعمالهم؛ فلربما حصلوا على أراء أكثر ونصائح من الفنانين الراسخين في المجال.

٩- ما رأيك في الذكاء الصناعي؟ هل تظنه سيؤثر إيجابًا على الأداء التمثيلي في الرسوم المتحركة؟

لا يمكن للذكاء الصناعي تقديم أداء تمثيلي حقيقي، فهو مثل مكنسة كهربائية تسحب الهواء ليس إلا. يمكنه تقليد ما قدمه الممثلون في أفلامهم، ويمكنه محاكاة تعابير الوجه ليبدو الأداء حقيقيًا، لكن ذلك مجرد محاكاة وليس أداءً حقيقيًا. عن نفسي، أؤمن أن الذكاء الصناعي سيغير العالم الذي نعرفه. إن إمكانياته تثير حماستي، وأحيانًا قلقي حيال الأذى الذي قد يسببه.

١٠- أخيرًا وليس آخرًا، ما نصيحتك لفناني التحريك والمخرجين؟

تذكروا قول أرسطو في كتابه فن الشعر: "خلف كل فعل إنساني غرض". يجب أن يكون لكل مشهد غرض ما. نعم، تتضمن الرسوم المتحركة حركات جسدية، لكنها لا تستلزم دومًا الكثير من الحركات، فالتكثيف.. أشد أثرًا.

تلخيصًا لما سبق، أوضح إد هوكس خلال الحوار مفهوم "المثالية" في الرسوم المتحركة، ضاربًا المثل بأداء مارلون براندو الأيقوني في التمثيل الواقعي، وبفيلمي العملاق الحديدي وكورالين في الرسوم المتحركة، ثم رحنا نتعمق في ما وراء هذا الأداء الاستثنائي من فن وأسرار. ومع ذلك، يرى هوكس رغم أثر هذه الأعمال الخالد على الصناعة، فإن تحقيق المثالية أقرب إلى المستحيل، فما زال هناك الكثير مما يمكن تطويره وتحسينه واستكشافه في عالم التحريك والتمثيل.

مررنا كذلك على عالم التقنية وتأثيره في المجال، إذ يرى هوكس استحالة الاستغناء عن دور العنصر البشري وإبداعه ومهارته في تجسيد الشخصيات والتعبير عنها، مع تأكيد هوكس على إمكانية مساهمة الذكاء الصناعي في تحسين المجال. أيضًا، تطرقنا إلى تحدي تحريك مشاهد الصمت، وأهمية لحظات التفكير والإنصات. واكتشفنا أهمية النوايا والدوافع وتأثيرها في مشاهد الرسوم المتحركة، حيث تتفاعل الشخصيات مع أفكارها وقرارتها، حتى في لحظات السكون والصمت. ونظرًا إلى خبرة هوكس وحضوره العديد من مهرجانات الرسوم المتحركة، فقد حدثنا عن تطور هذه الفعاليات، وضرورة إتاحة الفرصة للحضور لعرض أعمالهم. ومن خلال هذه الأفكار والرؤى العميقة، حصلنا على رؤية وفهم أعمق للإمكانات والفرص المتاحة بمجال الرسوم المتحركة.

يمكنك استفادة المزيد من خبرات إد هوكس عبر زيارة موقعه الإلكتروني، أو التواصل معه عبر البريد الإلكتروني: EdHooks@EdHooks.com.

١- متى أدركت شغفك بتقديم تدريبات لفناني التحريك؟ هل تذكر لحظة معينة دفعتك إلى ذلك؟

في العام 1996، كنت ممثلًا ناجحًا ومعلم تمثيل في لوس أنجلوس وسان فرانسيسكو. وكان أحد طلابي -ويدعى كين بيلبينبيرج- يعمل صباحًأ رئيسًا لقسم المؤثرات البصرية (VFX) في استوديو رسوم متحركة اسمه باسيفيك داتا إيمدجس (Pacific Data Images). سرعان ما استحوذت شركة دريم ووركس (DreamWorks) على الاستوديو، في الوقت التي كانت تعمل فيه على فيلم النملة زد بطولة وودي آلين. اقترح كين على فناني الرسوم المتحركة أن أبدأ تعليمهم التمثيل داخل الاستوديو، وما أن دخلت ورأيتهم واضعين سماعاتهم على آذانهم، تحمست ورغبت أن أكون جزءًا من هذا العمل.

ومن هنا، أدركت سريعًا أن تعليم التمثيل لفناني التحريك يختلف عن تعليمه للممثلين، وقد منحني عملي في استوديو باسيفيك فرصة لتجربة أساليب تدريس مختلفة تناسب هؤلاء الفنانين. وابتكرت تعليم التمثيل لفناني التحريك! فبعد إطلاق فيلم النملة زد دونت النسخة الأولى من كتابي (التمثيل لفناني التحريك). وفي عامنا هذا، 2023، ستطلق دار روتلدج في لندن الطبعة الخامسة المحررة من الكتاب. ولحسن حظي خضت رحلة رائعة على مدار السنوات، قدمت خلالها دوراتي المتخصصة في أكثر من 35 بلدًا، كانت مصر من بينها!

٢- هل يستحيل بلوغ أداء تمثيلي مثالي؟ وهل شاهدت فيلم رسوم متحركة حقق ذلك؟

سأجيب عن سؤالك بمثال من المسرح لا السينما. أسافر في أبريل القادم إلى لندن مع زوجتي كالي لمشاهدة مسرحية يوجين أونيل الكلاسيكية "رحلة النهار الطويلة إلى الليل"، حيث يلعب بريان كوكس دورًأ رئيسيًا فيها وهو دور أب لأسرة مكروبة. في ظنك، لماذا قد أذهب خصيصًا لأشاهدها مرة أخرى وأنا على علم تام بالمسرحية وأحداثها، وشاهدت عشرات الأعمال المميزة المبنية عليها على مر السنين؟ الإجابة هي الرغبة في رؤية كيفية أداء كل ممثل لهذا الدور، فأنا واثق أن أداء بريان كوكس يختلف عن أي أداء ممثل آخر. هذا هو التمثيل، ليس فيه أداء مثالي، بل لكل ممثل أداء وأسلوب متفرد في تقديم الشخصيات.

بالتأكيد هناك أداء خرافي لا ينسى، مثل مارلون براندو في فيلم "عربة اسمها الرغبة" عن مسرحية تينسي وليامز. فرغم مشاهدتي العديد من الأعمال المبنية على هذه المسرحية، يظل أداء مارلون في هذا الفيلم استثنائيًا. أما عن الرسوم المتحركة، فأحب الأداء التمثيلي في فيلم العملاق الحديدي وفيلم كورالين، وإن كان لا يسعني وصفه بالأداء المثالي.

٣- قلت: "التمثيل لا يعبر عن الكلمات، بل النوايا"، هلا شرحت معنى ذلك؟

لنضرب مثلا باللحظة التي خطر على بالك فيها دعوتي لإجراء هذا الحوار، أراهن أنك لم تكوني تتحدثين، بل عقدتي "النية" داخلك على فعل ذلك؛ صار لديك "هدف" يمكن تحقيقه. وغالبًا لم يكن لديك ساعتها "صراع أو عقبة"، التي تعد عاملًا أساسيًا لتحقيق الواقعية المسرحية، لكني أظن أن مشاهدة تعبيراتك في هذه اللحظة الخالية من الحوار أمر شيق. لي صديق يدعى باي رايت، كان مسؤول تحريك وجه شخصية غولوم في أول أجزاء ثلاثية مملكة الخواتم، أخبرني رايت أن فناني التحريك دونوا أفكار غولوم إلى جانب نصوصه الحوارية، أي أنهم كانوا ينفذون التحريك وفق أفكاره! وقد أثبتت هذه الطريقة نجاحها؛ فشخصية غولوم كانت مخادعة، تقول شيئًا وتضمر غيره. لا علاقة للتمثيل بالكلمات، فقط قم بالتحريك بناءً على الأفكار.

٤- قلت: "لا مشهد دون صراع"؛ فهل ينطبق قولك على العقبات الكبيرة التي تواجهها الشخصيات في طريقها لتحقيق هدفها فقط؟ أم على الأفعال الصغيرة أيضًا؟ هل يجب احتواء كل مشهد على عقبة تحتاج الشخصية إلى تجاوزها؟

بشكل عام، كلما كان الصراع أقوى، كان المشهد أفضل. إذا كنت أخوض صراعًا للاختيار بين تنظيف أسناني أو التكاسل، فهذا صراع لن يهمك أو يهم أي أحد، لكن إذا كنت أخوض صراعًا للاختيار بين ركوب سفينة فضائية متجهة إلى القمر أو عدم فعل ذلك، فقد يثير هذا اهتمامك. وعلى كل حال، يعتمد الأمر كله على القصة التي نحكيها.

لا تنسي أن الصراع عنصر أساسي في التكوين المسرحي، والممثلون يتعلمون أن اللحظات المسرحية تستوجب تكوينًا متكاملًا طوال الوقت. "ما هدفي؟" و"ما الفعل الذي أتخذه لتحقيقه؟" و"ما الصراع التي أخوضه في سبيل ذلك؟"، وتذكري أن هناك ثلاثة أنواع من الصراعات فقط: 1- صراع مع النفس، 2- صراع مع الواقع، 3- صراع مع شخصية أخرى. بالتأكيد يمكنك مواجهة أكثر من صراع في الوقت نفسه، لكن الأزمة تظهر حين لا نجد أي صراع على الإطلاق.

٥- كيف نحرك مشاهد الصمت، تلك التي تنصت فيها الشخصية أو تغرق في التفكير مثلًا؟

حين تنصت شخصية إلى أخرى، فهي تفكر في رد، ثم تقرر عدم المقاطعة. الإنصات -في حقيقته- فعل. أما إذا كانت الشخصية جالسة على كرسي في شرفة تفكر في أمر ما، فقد يكون هذا مشهدًا يثير الاهتمام لوهلة، لكن لا ينبغي مواصلة عرض مثل هذا المشهد فترة طويلة لأن المشاهد يكون بانتظار قيام الشخصية بـ"فعل" ما.

٦- اذكر لنا تجربة محببة في مهرجان رسوم متحركة؟

دعيت مؤخرًا لتقديم دورتي المتخصصة في شركة ألعاب فيديو تسمى سوبرسيل في هيلسينكي بفنلندا، واتفقت معهم على مقابلة ممثل الشركة في ردهة المبنى الساعة التاسعة صباحًا. وصلت فوجدت رجلًا يصغرني بقليل في انتظاري. اقترب مني الرجل وعانقني بقوة، وقال لي: "حضرت دورتك المتخصصة في مهرجان رسوم متحركة في ساو باولو بالبرازيل قبل عشرين سنة، وما تعلمته في تلك الدورة لازمني وأثر على مساري المهني كله. عملت مع ديزني ودريم وركس واستوديوهات ألعاب كثيرة. أنا سعيد في سوبرسيل فهنا يمكنني التعبير عن مبادئي. لقد تعلمت الكثير في دورتك، لقد تعلمنا الكثير منك، وأنا سعيد للحصول على فرصة لإخبارك بهذا". 

سررت حقًا بحفاوة اللقاء، وبالعلاقة التي بدأت قبل سنوات طويلة في مهرجان بالبرازيل. أنا أقدر حقًا هذا النوع من الأشياء!

٧- ماذا تغير في مهرجانات الرسوم المتحركة بمرور السنوات؟

أصبح بعض المهرجانات تجارية بشدة، ولحسن الحظ أن ذلك البعض لا الكل. أرى أن الرسوم المتحركة هي أقل فنون القرن الحادي والعشرين استخدامًا وتقديرًا. بالطبع يجب أن يحصل منظمو المهرجانات على ما يستحقون، لكن ينبغي أن يظل التركيز الأساسي منصبًا على الفنانين الحاضرين؛ فالجيل القادم من الفنانين هم أهم من في هذا المجال، وعلينا ألَّا ننسى ذلك أبدًا.

٨- ما الذي يمكن إضافته إلى مهرجانات الرسوم المتحركة؟

السماح لعدد أكبر من الحاضرين بعرض أعمالهم؛ فلربما حصلوا على أراء أكثر ونصائح من الفنانين الراسخين في المجال.

٩- ما رأيك في الذكاء الصناعي؟ هل تظنه سيؤثر إيجابًا على الأداء التمثيلي في الرسوم المتحركة؟

لا يمكن للذكاء الصناعي تقديم أداء تمثيلي حقيقي، فهو مثل مكنسة كهربائية تسحب الهواء ليس إلا. يمكنه تقليد ما قدمه الممثلون في أفلامهم، ويمكنه محاكاة تعابير الوجه ليبدو الأداء حقيقيًا، لكن ذلك مجرد محاكاة وليس أداءً حقيقيًا. عن نفسي، أؤمن أن الذكاء الصناعي سيغير العالم الذي نعرفه. إن إمكانياته تثير حماستي، وأحيانًا قلقي حيال الأذى الذي قد يسببه.

١٠- أخيرًا وليس آخرًا، ما نصيحتك لفناني التحريك والمخرجين؟

تذكروا قول أرسطو في كتابه فن الشعر: "خلف كل فعل إنساني غرض". يجب أن يكون لكل مشهد غرض ما. نعم، تتضمن الرسوم المتحركة حركات جسدية، لكنها لا تستلزم دومًا الكثير من الحركات، فالتكثيف.. أشد أثرًا.

تلخيصًا لما سبق، أوضح إد هوكس خلال الحوار مفهوم "المثالية" في الرسوم المتحركة، ضاربًا المثل بأداء مارلون براندو الأيقوني في التمثيل الواقعي، وبفيلمي العملاق الحديدي وكورالين في الرسوم المتحركة، ثم رحنا نتعمق في ما وراء هذا الأداء الاستثنائي من فن وأسرار. ومع ذلك، يرى هوكس رغم أثر هذه الأعمال الخالد على الصناعة، فإن تحقيق المثالية أقرب إلى المستحيل، فما زال هناك الكثير مما يمكن تطويره وتحسينه واستكشافه في عالم التحريك والتمثيل.

مررنا كذلك على عالم التقنية وتأثيره في المجال، إذ يرى هوكس استحالة الاستغناء عن دور العنصر البشري وإبداعه ومهارته في تجسيد الشخصيات والتعبير عنها، مع تأكيد هوكس على إمكانية مساهمة الذكاء الصناعي في تحسين المجال. أيضًا، تطرقنا إلى تحدي تحريك مشاهد الصمت، وأهمية لحظات التفكير والإنصات. واكتشفنا أهمية النوايا والدوافع وتأثيرها في مشاهد الرسوم المتحركة، حيث تتفاعل الشخصيات مع أفكارها وقرارتها، حتى في لحظات السكون والصمت. ونظرًا إلى خبرة هوكس وحضوره العديد من مهرجانات الرسوم المتحركة، فقد حدثنا عن تطور هذه الفعاليات، وضرورة إتاحة الفرصة للحضور لعرض أعمالهم. ومن خلال هذه الأفكار والرؤى العميقة، حصلنا على رؤية وفهم أعمق للإمكانات والفرص المتاحة بمجال الرسوم المتحركة.

يمكنك استفادة المزيد من خبرات إد هوكس عبر زيارة موقعه الإلكتروني، أو التواصل معه عبر البريد الإلكتروني: EdHooks@EdHooks.com.

١- متى أدركت شغفك بتقديم تدريبات لفناني التحريك؟ هل تذكر لحظة معينة دفعتك إلى ذلك؟

في العام 1996، كنت ممثلًا ناجحًا ومعلم تمثيل في لوس أنجلوس وسان فرانسيسكو. وكان أحد طلابي -ويدعى كين بيلبينبيرج- يعمل صباحًأ رئيسًا لقسم المؤثرات البصرية (VFX) في استوديو رسوم متحركة اسمه باسيفيك داتا إيمدجس (Pacific Data Images). سرعان ما استحوذت شركة دريم ووركس (DreamWorks) على الاستوديو، في الوقت التي كانت تعمل فيه على فيلم النملة زد بطولة وودي آلين. اقترح كين على فناني الرسوم المتحركة أن أبدأ تعليمهم التمثيل داخل الاستوديو، وما أن دخلت ورأيتهم واضعين سماعاتهم على آذانهم، تحمست ورغبت أن أكون جزءًا من هذا العمل.

ومن هنا، أدركت سريعًا أن تعليم التمثيل لفناني التحريك يختلف عن تعليمه للممثلين، وقد منحني عملي في استوديو باسيفيك فرصة لتجربة أساليب تدريس مختلفة تناسب هؤلاء الفنانين. وابتكرت تعليم التمثيل لفناني التحريك! فبعد إطلاق فيلم النملة زد دونت النسخة الأولى من كتابي (التمثيل لفناني التحريك). وفي عامنا هذا، 2023، ستطلق دار روتلدج في لندن الطبعة الخامسة المحررة من الكتاب. ولحسن حظي خضت رحلة رائعة على مدار السنوات، قدمت خلالها دوراتي المتخصصة في أكثر من 35 بلدًا، كانت مصر من بينها!

٢- هل يستحيل بلوغ أداء تمثيلي مثالي؟ وهل شاهدت فيلم رسوم متحركة حقق ذلك؟

سأجيب عن سؤالك بمثال من المسرح لا السينما. أسافر في أبريل القادم إلى لندن مع زوجتي كالي لمشاهدة مسرحية يوجين أونيل الكلاسيكية "رحلة النهار الطويلة إلى الليل"، حيث يلعب بريان كوكس دورًأ رئيسيًا فيها وهو دور أب لأسرة مكروبة. في ظنك، لماذا قد أذهب خصيصًا لأشاهدها مرة أخرى وأنا على علم تام بالمسرحية وأحداثها، وشاهدت عشرات الأعمال المميزة المبنية عليها على مر السنين؟ الإجابة هي الرغبة في رؤية كيفية أداء كل ممثل لهذا الدور، فأنا واثق أن أداء بريان كوكس يختلف عن أي أداء ممثل آخر. هذا هو التمثيل، ليس فيه أداء مثالي، بل لكل ممثل أداء وأسلوب متفرد في تقديم الشخصيات.

بالتأكيد هناك أداء خرافي لا ينسى، مثل مارلون براندو في فيلم "عربة اسمها الرغبة" عن مسرحية تينسي وليامز. فرغم مشاهدتي العديد من الأعمال المبنية على هذه المسرحية، يظل أداء مارلون في هذا الفيلم استثنائيًا. أما عن الرسوم المتحركة، فأحب الأداء التمثيلي في فيلم العملاق الحديدي وفيلم كورالين، وإن كان لا يسعني وصفه بالأداء المثالي.

٣- قلت: "التمثيل لا يعبر عن الكلمات، بل النوايا"، هلا شرحت معنى ذلك؟

لنضرب مثلا باللحظة التي خطر على بالك فيها دعوتي لإجراء هذا الحوار، أراهن أنك لم تكوني تتحدثين، بل عقدتي "النية" داخلك على فعل ذلك؛ صار لديك "هدف" يمكن تحقيقه. وغالبًا لم يكن لديك ساعتها "صراع أو عقبة"، التي تعد عاملًا أساسيًا لتحقيق الواقعية المسرحية، لكني أظن أن مشاهدة تعبيراتك في هذه اللحظة الخالية من الحوار أمر شيق. لي صديق يدعى باي رايت، كان مسؤول تحريك وجه شخصية غولوم في أول أجزاء ثلاثية مملكة الخواتم، أخبرني رايت أن فناني التحريك دونوا أفكار غولوم إلى جانب نصوصه الحوارية، أي أنهم كانوا ينفذون التحريك وفق أفكاره! وقد أثبتت هذه الطريقة نجاحها؛ فشخصية غولوم كانت مخادعة، تقول شيئًا وتضمر غيره. لا علاقة للتمثيل بالكلمات، فقط قم بالتحريك بناءً على الأفكار.

٤- قلت: "لا مشهد دون صراع"؛ فهل ينطبق قولك على العقبات الكبيرة التي تواجهها الشخصيات في طريقها لتحقيق هدفها فقط؟ أم على الأفعال الصغيرة أيضًا؟ هل يجب احتواء كل مشهد على عقبة تحتاج الشخصية إلى تجاوزها؟

بشكل عام، كلما كان الصراع أقوى، كان المشهد أفضل. إذا كنت أخوض صراعًا للاختيار بين تنظيف أسناني أو التكاسل، فهذا صراع لن يهمك أو يهم أي أحد، لكن إذا كنت أخوض صراعًا للاختيار بين ركوب سفينة فضائية متجهة إلى القمر أو عدم فعل ذلك، فقد يثير هذا اهتمامك. وعلى كل حال، يعتمد الأمر كله على القصة التي نحكيها.

لا تنسي أن الصراع عنصر أساسي في التكوين المسرحي، والممثلون يتعلمون أن اللحظات المسرحية تستوجب تكوينًا متكاملًا طوال الوقت. "ما هدفي؟" و"ما الفعل الذي أتخذه لتحقيقه؟" و"ما الصراع التي أخوضه في سبيل ذلك؟"، وتذكري أن هناك ثلاثة أنواع من الصراعات فقط: 1- صراع مع النفس، 2- صراع مع الواقع، 3- صراع مع شخصية أخرى. بالتأكيد يمكنك مواجهة أكثر من صراع في الوقت نفسه، لكن الأزمة تظهر حين لا نجد أي صراع على الإطلاق.

٥- كيف نحرك مشاهد الصمت، تلك التي تنصت فيها الشخصية أو تغرق في التفكير مثلًا؟

حين تنصت شخصية إلى أخرى، فهي تفكر في رد، ثم تقرر عدم المقاطعة. الإنصات -في حقيقته- فعل. أما إذا كانت الشخصية جالسة على كرسي في شرفة تفكر في أمر ما، فقد يكون هذا مشهدًا يثير الاهتمام لوهلة، لكن لا ينبغي مواصلة عرض مثل هذا المشهد فترة طويلة لأن المشاهد يكون بانتظار قيام الشخصية بـ"فعل" ما.

٦- اذكر لنا تجربة محببة في مهرجان رسوم متحركة؟

دعيت مؤخرًا لتقديم دورتي المتخصصة في شركة ألعاب فيديو تسمى سوبرسيل في هيلسينكي بفنلندا، واتفقت معهم على مقابلة ممثل الشركة في ردهة المبنى الساعة التاسعة صباحًا. وصلت فوجدت رجلًا يصغرني بقليل في انتظاري. اقترب مني الرجل وعانقني بقوة، وقال لي: "حضرت دورتك المتخصصة في مهرجان رسوم متحركة في ساو باولو بالبرازيل قبل عشرين سنة، وما تعلمته في تلك الدورة لازمني وأثر على مساري المهني كله. عملت مع ديزني ودريم وركس واستوديوهات ألعاب كثيرة. أنا سعيد في سوبرسيل فهنا يمكنني التعبير عن مبادئي. لقد تعلمت الكثير في دورتك، لقد تعلمنا الكثير منك، وأنا سعيد للحصول على فرصة لإخبارك بهذا". 

سررت حقًا بحفاوة اللقاء، وبالعلاقة التي بدأت قبل سنوات طويلة في مهرجان بالبرازيل. أنا أقدر حقًا هذا النوع من الأشياء!

٧- ماذا تغير في مهرجانات الرسوم المتحركة بمرور السنوات؟

أصبح بعض المهرجانات تجارية بشدة، ولحسن الحظ أن ذلك البعض لا الكل. أرى أن الرسوم المتحركة هي أقل فنون القرن الحادي والعشرين استخدامًا وتقديرًا. بالطبع يجب أن يحصل منظمو المهرجانات على ما يستحقون، لكن ينبغي أن يظل التركيز الأساسي منصبًا على الفنانين الحاضرين؛ فالجيل القادم من الفنانين هم أهم من في هذا المجال، وعلينا ألَّا ننسى ذلك أبدًا.

٨- ما الذي يمكن إضافته إلى مهرجانات الرسوم المتحركة؟

السماح لعدد أكبر من الحاضرين بعرض أعمالهم؛ فلربما حصلوا على أراء أكثر ونصائح من الفنانين الراسخين في المجال.

٩- ما رأيك في الذكاء الصناعي؟ هل تظنه سيؤثر إيجابًا على الأداء التمثيلي في الرسوم المتحركة؟

لا يمكن للذكاء الصناعي تقديم أداء تمثيلي حقيقي، فهو مثل مكنسة كهربائية تسحب الهواء ليس إلا. يمكنه تقليد ما قدمه الممثلون في أفلامهم، ويمكنه محاكاة تعابير الوجه ليبدو الأداء حقيقيًا، لكن ذلك مجرد محاكاة وليس أداءً حقيقيًا. عن نفسي، أؤمن أن الذكاء الصناعي سيغير العالم الذي نعرفه. إن إمكانياته تثير حماستي، وأحيانًا قلقي حيال الأذى الذي قد يسببه.

١٠- أخيرًا وليس آخرًا، ما نصيحتك لفناني التحريك والمخرجين؟

تذكروا قول أرسطو في كتابه فن الشعر: "خلف كل فعل إنساني غرض". يجب أن يكون لكل مشهد غرض ما. نعم، تتضمن الرسوم المتحركة حركات جسدية، لكنها لا تستلزم دومًا الكثير من الحركات، فالتكثيف.. أشد أثرًا.

تلخيصًا لما سبق، أوضح إد هوكس خلال الحوار مفهوم "المثالية" في الرسوم المتحركة، ضاربًا المثل بأداء مارلون براندو الأيقوني في التمثيل الواقعي، وبفيلمي العملاق الحديدي وكورالين في الرسوم المتحركة، ثم رحنا نتعمق في ما وراء هذا الأداء الاستثنائي من فن وأسرار. ومع ذلك، يرى هوكس رغم أثر هذه الأعمال الخالد على الصناعة، فإن تحقيق المثالية أقرب إلى المستحيل، فما زال هناك الكثير مما يمكن تطويره وتحسينه واستكشافه في عالم التحريك والتمثيل.

مررنا كذلك على عالم التقنية وتأثيره في المجال، إذ يرى هوكس استحالة الاستغناء عن دور العنصر البشري وإبداعه ومهارته في تجسيد الشخصيات والتعبير عنها، مع تأكيد هوكس على إمكانية مساهمة الذكاء الصناعي في تحسين المجال. أيضًا، تطرقنا إلى تحدي تحريك مشاهد الصمت، وأهمية لحظات التفكير والإنصات. واكتشفنا أهمية النوايا والدوافع وتأثيرها في مشاهد الرسوم المتحركة، حيث تتفاعل الشخصيات مع أفكارها وقرارتها، حتى في لحظات السكون والصمت. ونظرًا إلى خبرة هوكس وحضوره العديد من مهرجانات الرسوم المتحركة، فقد حدثنا عن تطور هذه الفعاليات، وضرورة إتاحة الفرصة للحضور لعرض أعمالهم. ومن خلال هذه الأفكار والرؤى العميقة، حصلنا على رؤية وفهم أعمق للإمكانات والفرص المتاحة بمجال الرسوم المتحركة.

يمكنك استفادة المزيد من خبرات إد هوكس عبر زيارة موقعه الإلكتروني، أو التواصل معه عبر البريد الإلكتروني: EdHooks@EdHooks.com.