Jul 26, 2023

"صناعة السحر: حكاية مخرجة.. حوار مع تشبو موتشي حول "مشاكل الطوطم الأولى

أجرت الحوار منة حمدي، المخرجة الفنية في چيرافيكس

في إطار سعينا لتعريفكم بخبراء المجال من جميع أنحاء العالم وعرض لمحات من تجاربهم وخبراتهم، يسرنا تقديم شخصية متميزة ندين لها بالكثير من النجاح الذي لاقاه فيلم مشكلات الطوطم. تشبو موتشي كاتبة ومخرجة وصانعة أفلام جنوب إفريقية، كان من آخر أنشطتها العمل كاتبة ومخرجة إبداعية تنفيذية لمسلسل ديزني+ المنتظر "كيا"، والعمل مخرجة ظل (Shadow director) لمسلسل (Mama K’s Team 4) أول إنتاج رسوم متحركة أصلي لمنصة نتفلكس في إفريقيا، والعمل مخرجة للفيلم القصير مشكلات الطوطم علاوة على المشاركة في كتابته مع مامي بواتينج (غانا/كندا) وخديدياتو ضيوف (السنغال). في هذا اللقاء، نحاور موتشي لكشف المزيد من أسرار فيلم مشكلات الطوطم، حيث تحدثنا عن مصادر الإلهام والتحديات وتقييمها للتجربة والرسالة التي تأمل في إيصالها إلى جمهور العمل.

وإن كنت تفضل مشاهدة اللقاء عن قراءته، فيمكنك الاستمتاع بمشاهدة اللقاء الحصري مع تشبو بالضغط على الرابط بالأسفل.

١- في 20 كلمة فقط، أخبرينا بما يمثله الطوطم.

حسنًا، أود القول أولًا أني استخدمت مصطلح الطوطم لدلالته التي يمكن لأكثر الناس حول العالم استيعابها. فقد يكون الطوطم نباتًا أو حيوانًا أو سلفًا أو لقبًا عائليًا أو شارة متوارثة. أما عن الطوطم في هذا الفيلم فكان يمثل العلاقة التي تربطنا بأسلافنا، بسلالتنا، بالذين سبقونا، يمثل الأصل الذي أتينا منه سواء شعوبًا وأفرادً. إنه يمثل مجتمعاتنا وأعراقنا على نحو ما.


٢- أي جانب من هذا العمل أشد إثارة للفخر في نفسك؟

أنا فخورة بكل شيء. وأقولها بصدق، ليس في هذه الرحلة جزء أو لحظة أو خطوة أقل إثارة للفخر في نفسي من غيرها. أنا فخورة بالفريق الذي استطاع ستوديو چيرافيكس جمعه. أنا فخورة بقدرتنا على الربط بين العديد من الثقافات والمحترفين والمبدعين في عالم الرسوم المتحركة. أنا فخورة بالعالم الجميل والشخصيات التي أبدعناها، وبالعمل الجاد الذي أديناه، وغيرتنا على أصالة وجودة هذه الشخصيات التي ظهرت في صور كثيرة لا يسع المقام لذكرها. أنا فخورة بالرجال والنساء الذين عملوا في هذا الفريق وبالشغف الذي أدوا به عملهم. أنا شديدة الفخر بأن الجميع كانوا على قدر عال من المسؤولية، فلم يكن هذا مشروعي وحدي، بل مشروعنا جميعًا. أنا شديدة الفخر بالعلاقات الشخصية التي كونتها مع العديد من المبدعين. أنا فخورة بالعمل الذي أديناه. ببساطة، أنا فخورة بكل شيء.

تشبو موتشي

٣- إلى أي مدى خرج الفيلم موافقًا لرؤيتك الأصلية؟

باعتباري كاتبة ومخرجة، يخرج العمل النهائي موافقًا تماما لرؤيتي الأصلية. أعتقد أن في هذه المساحات الإبداعية، الخاصة بخلق شيء بالكامل، عندما يكون لديكِ فكرة، ورسالة ما، وتضمين إليك مبدعين آخرين، فإنهم يأتون محملين بأفكارهم ومشاعرهم الخاصة، وهذه الأفكار والمشاعر تترابط بشكل ما، ومن المهم توفير مساحة لنا ولكل المبدعين للتعبير عن آرائهم واستيعاب جميع الأفراد في العملية الإبداعية. لذا فرؤيتي الأولية قد لا تماثل النسخة الأخيرة، لكنهما في جوهرهما الشيء نفسه. فالفكرة الأولية وهدف القصة، والشخصيات، والفيلم ككل، والرسالة، كل ذلك خرج كما تصورته في النسخة النهائية، ولو كان ثمة تغيير، فبفضل التعاون مع أعضاء الفريق، فهو تغيير إلى الأفضل بلا شك، وهذا جزء من الرحلة الإبداعية؛ تلك متعة هذا العمل.


٤- إلى أي مدى تعبر بطلة العمل -شيبا- عن تجاربك الشخصية؟

إلى أقصى مدى! تعكس شيبا تجربة كل البشر. لا أذكر فردًا واحدًا في هذا الفريق لم يقل إنه شعر بما شعرت به شيبا في لحظة ما من حياته، لحظة شعر فيها بأنه غير مرئي، أو غير مسموع، أو أمليت عليه هويته، أو أكره على مصيره، أو أخبره أحدهم بالطريق الذي عليه سلوكه بينما كان يدرك في نفسه أن ثمة طريق آخر أنسب له. لذا فشيبا تعكس -بلا شك- نشأتي وسط عائلتي، وبحثي في علاقتي بنسبي وأسلافي. كما كانت نشأتي بالخارج فترة ثم العودة إلى وطني بمثابة تجربة شخصية مختلفة، ساعدتني على فهم ذاتي والتعرف على جذوري ومدى أصالتها، ما مكنني من الاستعانة بذلك لتقويم خطواتي المستقبلية.


٥- إلى أي مدى أفادتك تعليقات ديزني وتريجرفِش؟

خلال مسيرتي المهنية، عملت في أقسام ومناصب استلزمت تقديم الآراء وتلقيها أيضًا. لذلك كنت شديدة الترحيب بجميع التعليقات التي تلقيتها، كما ينبغي علينا جميعًا أن نفعل. والأهم في رأيي، أن مشاركة ديزني وتريجرفِش في جميع مراحل العمل لم تكن بهدف إعطاء توجيهات متشددة، بل بهدف الحفاظ على الرؤية الأصلية التي تشاركناها معهم في البداية، وقد نجحوا في ذلك. أرى أن مراجعات ديزني وتريجرفِش لنا كانت متسقة مع التوجه الذي رسمناه نحن لأنفسنا بالفعل. فلم تكن تلك التعليقات تغير مسارنا أو تعرقل خطواتنا، بل تبقينا داخل المسار، لذا فأنا ممتنة لجميع تعليقاتهم. كانت ثمة مشقة في ذلك الأمر، لكن لا مفر من المشقة أبدًا؛ فنحن فنانون، نتعامل دائما مع عملنا بحساسية، لكني لم أشعر للحظة أنهم لا يقدرون ما أفعل أو أنهم لا يصغون إلي، وذلك قد منحنا -أنا وفريقي- الجرأة على التمسك بموقفنا في بعض المواضع، وكذلك الانفتاح على التعديلات وقبول الاختلاف. ففي النهاية، نحن نعمل مع أناس بخبرة تماثل خبرتنا بل تفوقها، وأنفع لنا أن ننصت لما يقولون ونستفيد منه. 

تشبو وكايا مع بعض أعضاء فريق چيرافيكس في القاهرة، مصر

٦- لو أمكنك تغيير شيء واحد في الفيلم، ماذا سيكون؟

يا له من سؤال حساس! لا أظن أن هناك شيء بعينه أرغب في تغييره في الفيلم. لا شك أن بداخلي ذلك المخرج المدلل الذي يرغب في زيادة مدة الفيلم، لا شك أن هذا كان ليسرني! لكن ها هنا يكمن التحدي الإبداعي في ضغط كل ما رغبت في تحقيقه في عشر دقائق فقط. أظن أن فريقي أدى مهمة عظيمة: هيا لنحيي فريق الإنتاج بچيرافيكس، خاصة للمساعدة والدعم الذي قدمها الفريق لي في اللحظات الحاسمة التي تحتم علي فيها الاختيار بين الإبقاء على بعض الأشياء أو التخلي عنها. أشعر أنها رحلة خضناها جميعًا، حتى وصلنا هنا محملين بالدروس والأشياء القيمة، ولو أني كنت لأغير شيئًا مما جرى، لما كنا في هذا المكان الذي نحن فيه الآن، وهذا المكان الذي نحن فيه الآن مكان رائع. 


٧- من شخصيتك المفضلة في الفيلم؟

آااه، مزيد من الأسئلة الصعبة. لقد خرجت جميع هذه الشخصيات من داخلي، لذا فجميعها مفضلة عندي. يمكنني القول إني أحب شيبا وهيئتها وتفاصيلها الفنية. كما أعجب بجوجو. وكذلك أحب الجد ويوي كثيرًا، فله حضور ظريف. لكني لا أرغب في ذكر جميع الشخصيات، فهذا ليس عدلًا. لقد صممت كل شخصية لتعبر عن مساحتها الخاصة والمميزة. وأمل أن يجد المشاهدون في كل شخصية ما يجذبهم. فحتى على المستوى الشخصي، لست أنا إلا خليط من البشر الذين سبقوني، لذا لا يمكنني اختيار شخصية واحدة. أنا جميع هذه الشخصيات، وأحبها كلها.


٨- هل أردت إضافة شيء إلى الفيلم ولم يسمح لك؟

ما كان يجوز لنا أن نحجم عن فعل شيء ما في الفيلم الخاص بنا. فنحن نعمل مع ديزني، هذا الكيان العملاق، إلى جانب تريجرفِش، وهما اسمين في عالم الرسوم المتحركة لهما هوية وطريقة عمل فريدة، لذا كان من المهم لنا -نحن المخرجين- أن نعالج العمل ونقولبه بحيث يلائم هوية هذين الكيانين. لم تكن هناك قواعد صارمة بالصورة التي قد يتصورها البعض، لكن كان لزامًا علينا العمل ضمن إطار يلائم ديزني كشركة مثلما يلائم رؤيتنا لمجموعة الأفلام القصيرة هذه، ولذا فلم يخبرنا أحد مرة "غير مسموح فعل كذا" بتلك الصيغة.


٩- ما التعليق الأبرز الذي تلقيته خلال العمل؟

حسنًا، تلقيت كمًا هائلًا من التعليقات. أحد أقوى التعليقات جائني من حمودة، رئيس قسم السرد القصصي في چيرافيكس، وكان يتعلق بجزء رئيسي من الحوار الذي قمت بإعادته إلى النص. كما كنت أتلقى تعليقات من بيتر رامسي -أحد المنتجين المنفذين- في كل جلسة نعقدها، جاءت تعليقاته من منظور شخصي حول رحلتي كمخرجة. كان هناك كثير من التعليقات المهمة التي أكدت لي صحة مساري المهني. كما كانت هناك تعليقات سيدني كومبو، لقد أثرت تعليقاته في الفريق ككل. لقد عانينا خلال العمل على هذه الأفلام من ضغوط ومخاوف ناجمة عن تحملنا أعباء شعوبنا، وثقافتنا، وعائلاتنا، وأشياء من هذا القبيل. أردنا قول الكثير عن بلادنا وعن قارتنا، وكان علينا اختيار ما سيقال الآن وما ينبغي تفصيله لاحقًا. ومن العجيب أن سيدني هو من نبهنا إلى نقطة تتعلق بالشخصيات وحركتها، هل كانوا أفارقة كفاية من منظورنا؟ والعجيب في ذلك أننا كنا أفارقة. أنا من جنوب إفريقيا، أصنع فيلمًا يتعلق كلية ببلدي وثقافاته المختلفة، فكان ذلك آخر ما ظننت أني مضطرة إلى التفكير فيه. وهذه هي المشكلة، لقد عملنا بجد على ضبط وتحريك شخصياتنا لكن بشيء من الانفصال عنها. نبهنا سيدني إلى ذلك حين سألنا "أهكذا تسير جداتكم؟"، وقصد من ذلك أن النساء تتحرك بشكل مختلف وفق نوعية الأرض التي تسير فوقها، وحرارة الشمس، والملابس التي ترتديها. فهل كانت شخصياتنا تتحرك بالطريقة التي نعرفها؟ كانت هذه النوعية من التعليقات شديدة الأهمية لنا، وقد استمر تأثيره على الفريق، فغدت عيوننا أكثر حدة وحساسية لهذه الأشياء. لقد تلقيت كثيرًا من التعليقات الجيدة حقًا.

تشبو في مكتب چيرافيكس مع بعض أعضاء فريق مشكلات الطوطم

١٠- كم استغرق تحويل فكرتك الأولية إلى المنتج النهائي؟

استغرقت رحلة مشكلات الطوطم ثلاث سنوات ونصف السنة حتى الآن، فقد تم العرض الأول قبل أسبوع فقط. وسيطلق العمل في المنصة في الخامس من يوليو، لذا فالرحلة لم تنته بعد، ولكن مرت السنوات، مرت ثلاث سنوات، أشعر أحيانًا أن الأمر استغرق أكثر من ذلك، ولكن حسن، صحيح أني ما كنت لأمانع العمل مع هذا الفريق بالتحديد لبضع سنوات أخرى، لكني سعيدة للغاية أننا سنقولها أخيرًا: لقد أنتجنا عملًا عظيمًا، وها هو ذا.


١١- كيف تنظمين وقتك بين المشاريع المختلفة؟

أنظم وقتي بفضل رفاق العمل الرائعين في "بلاي نايس بيكتشرز". لقد قدم لي مارك ورافايلا دعمًا عظيمًا، خاصة عندما خضت رحلة العمل في هذه المجموعة من الأفلام القصيرة التي استغرقت قدرًا هائلاً من وقتي، لكن العمل ما يزال مستمرًا، فهناك كثير من الأعمال الأخرى التي تحمست للمشاركة فيها، والتي أشارك فيها بالفعل، لذا فمن العظيم -ما دمت فردًا في شركة- أن تتلقى الدعم من زملائك. كما أشارك في عمل آخر مع تريجرفِش وديزني وإي 1، وإدراك المنتجين المنفذين لهذا الأمر و  


١٢- كيف عرضت عليك ديزني المشاركة؟

أعلنت تريجرفِش عن إتاحتها الفرصة للمخرجين الراغبين في عرض قصصهم للضم في مجموعة الأفلام. كانت الفكرة الأصلية لتلك المجموعة من بنات أفكار أحد أعضاء تريجرفِش، لكن تريجرفِش طورتها وأعادت صياغتها ثم عرضتها على ديزني. أعجبت ديزني بالفكرة بشدة، ودعت جميع المخرجين والكتاب والمبدعين في مختلف الإدارات ممن قد يجدون لديهم ما يضيفونه إلى مجموعة الأفلام تلك، فشرعنا في عرض بعض القصص. مررنا بعملية تقييم، ثم أدرجت الأفلام المختارة في القائمة القصيرة. أعدنا طرح الأفكار، وطورنا القصص ثانية، وتم إنشاء قائمة قصيرة جديدة. كانت عملية تصفية معمقة. وأخيرًا وصلت إلى المجموعات العشر الأخيرة، وهنا أخذنا نتلقى التعليقات والتقييمات المتواصلة، فنعود إلى لوحة الرسم، ونعيد طرح الفكرة.


١٣- كيف تختلف تجربة الإخراج بين أفلام الرسوم المتحركة وأفلام الحركة الحية؟ 

كتبت أعمال حركة حية، لكن لم أخرج أي منها قط. كان لذلك أسباب اكتشفت بعضها خلال رحلتي، فالكتابة مهنة محسوم أمرها عندي، أنا كاتبة، لكن ظلت هناك مساحة تردد حيال الإخراج، لم يكن هناك ما يجذبني كفاية. لكن حين تواصلت معنا تريجرفش وديزني لعرض للقصص، شعرت برغبة قوية في ذلك. والآن، بعد نهاية هذه الرحلة، أشعر بامتنان حقيقي لتلك الفرصة، وكذلك لانتهازي إياها. أرى أن المشاركة في أعمال الحركة الحية يضعك في موقع التصوير ويتيح لك التفاعل مع البشر بطريقة معينة. وأنا أعشق ذلك، أراها مساحة من العظيم تجربتها والتواجد فيها. أما إخراج الرسوم المتحركة، ففيه مشاركة مختلفة في مراحل الإنتاج، ومسؤولية التعبير عن رؤية ما، يتوجب عليك خلالها الثقة بالأشخاص الذين يتشربون تلك الرؤية ويخرجونها عبر عملهم، فهذه أعمال لا أقوم به بنفسي، لست برسام مشاهد، ولا فنان مفاهيم، ولا مصمم شخصيات، ولا منتج، لا أقوم بأي عمل من هذا. كما أشعر أن إخراج الرسوم المتحركة يستوجب نوعًا من الثقة بالآخرين لفعل الأشياء سواء بدلا منك وبالاشتراك معك، أما في الحركة الحية فالأمور تجري في اللحظة الحالية، ويمكنك التحكم في جريانها بطريقة ما. لذا فلكل منهما مستوى تحكم مختلف. وحديثي كله متعلق بتجربتي الشخصية.


١٤- آخيرًا وليس آخرًا، ما الذكرى الأقرب إليك من بين ذكريات إخراج مشكلات الطوطم؟

تتراءى لي كل الذكريات خلال نومي، حتى تلك التي نسيتها، كل واحدة، جيدة كانت أم سيئة، فبدون كل الأشياء التي مررنا بها -أكررها ثانية- ما كنا لنصل إلى هذه اللحظة، والمكان الذي نحن فيه الآن. لكن لا شك عندي أن اجتماعات الإنتاج هي من بين الذكريات المفضلة. كانت اجتماعات الإنتاج مع يامن ومريم ومنة ممتعة دائمًا، بغض النظر عما إذا كان الظرف سعيدًا أو جنوني؛ كذلك جميع لقاءاتي مع جيمي وعبد الله !! وحتى في كل اجتماع وتفاعل تشاركته مع هؤلاء الأشخاص أو أي من أعضاء الفريق، رغم عملنا من بلدان وأماكن مختلفة، وكان كل ذلك يجري عبر الإنترنت، تظل الذكريات المفضلة هي ما يتعلق بتواصلي مع الفريق على المستوى الإنساني، خارج مساحة العمل، على الرغم من قيامنا بالعمل ساعتها. لدينا مجموعة من مقاطع الفيديو التي تجمعني ببرونو من فريق الرسوم المتحركة ونحن نؤدي بعض الحركات المرجعية لشخصياتنا. كانت تلك أوقات جيدة أيضًا، لكن ذكرياتي المفضلة حقًا هي الخاصة بالتواصل الإنساني مع كل فرد في الفريق، حتى لو عبر الشاشة.

مجموعة صور لأعضاء بفريق عمل مشكلات الطوطم خلال اجتماعاتهم العديدة

تلخيصًا لهذا اللقاء الشيق، شاركتنا تشبو موتشى تفاصيل رحلتها الفريدة في صناعة فيلم مشكلات الطوطم، وتجربتها مع ديزني وتريجرفِش، وفريق چيرافكس. مدفوعة برغبتها في تجربة شيء جديد، بدأت تشبو رحلتها من دعوة أطلقتها ديزني+ وتريجرفِش لاستقبال الأفكار، لتشرع بعدها في تطوير فكرة الفيلم وتحويلها إلى عمل مميز. تخطت تشبو مراحل متعددة من التصفيات وإعادة عرض الفكرة، لتصير بالأخير مخرجة الفيلم. وبفضل مهاراتها في العمل الجماعي، اندمجت تشبو مع الفريق بسهولة، وتحولت لحظات عملهم الجاد إلى ذكريات جميلة يملؤها الشغف والمرح. أدركت تشبو عمق الفيلم الذي تعمل على إخراجه؛ فحرصت على أن تنعكس خبراتها وخبرات فريقها، ومشاعرهم، وهوياتهم على شخصيات الفيلم وعالمه. اختارت تشبو لفظ الطوطم للإشارة إلى الأسلاف والتراث بلفظ يشمل المجتمعات المختلفة. كما اجتهدت مع فريق التحريك لتأتي الشخصيات معبرة عن ثقافة جنوب إفريقيا ولغتها وطريقة حركة سكانها. وجهت تشبو فريق العمل لإخراج شخصيات تتحرك وتتفاعل مثل أشخاص واقعيين يحيون في مجتمعها، كما ساعدتهم إرشاداتها في تصميم هذه الشخصيات. بذلك، تمكنت تشبو من إخراج فيلم يليق باسم ديزني ويطابق معاييرها العالية دون أي مساس بروح الفيلم وأصالته. وهنا، استطاعت تشبو وفريقها صناعة عمل يفتخرون به.

في إطار سعينا لتعريفكم بخبراء المجال من جميع أنحاء العالم وعرض لمحات من تجاربهم وخبراتهم، يسرنا تقديم شخصية متميزة ندين لها بالكثير من النجاح الذي لاقاه فيلم مشكلات الطوطم. تشبو موتشي كاتبة ومخرجة وصانعة أفلام جنوب إفريقية، كان من آخر أنشطتها العمل كاتبة ومخرجة إبداعية تنفيذية لمسلسل ديزني+ المنتظر "كيا"، والعمل مخرجة ظل (Shadow director) لمسلسل (Mama K’s Team 4) أول إنتاج رسوم متحركة أصلي لمنصة نتفلكس في إفريقيا، والعمل مخرجة للفيلم القصير مشكلات الطوطم علاوة على المشاركة في كتابته مع مامي بواتينج (غانا/كندا) وخديدياتو ضيوف (السنغال). في هذا اللقاء، نحاور موتشي لكشف المزيد من أسرار فيلم مشكلات الطوطم، حيث تحدثنا عن مصادر الإلهام والتحديات وتقييمها للتجربة والرسالة التي تأمل في إيصالها إلى جمهور العمل.

وإن كنت تفضل مشاهدة اللقاء عن قراءته، فيمكنك الاستمتاع بمشاهدة اللقاء الحصري مع تشبو بالضغط على الرابط بالأسفل.

١- في 20 كلمة فقط، أخبرينا بما يمثله الطوطم.

حسنًا، أود القول أولًا أني استخدمت مصطلح الطوطم لدلالته التي يمكن لأكثر الناس حول العالم استيعابها. فقد يكون الطوطم نباتًا أو حيوانًا أو سلفًا أو لقبًا عائليًا أو شارة متوارثة. أما عن الطوطم في هذا الفيلم فكان يمثل العلاقة التي تربطنا بأسلافنا، بسلالتنا، بالذين سبقونا، يمثل الأصل الذي أتينا منه سواء شعوبًا وأفرادً. إنه يمثل مجتمعاتنا وأعراقنا على نحو ما.


٢- أي جانب من هذا العمل أشد إثارة للفخر في نفسك؟

أنا فخورة بكل شيء. وأقولها بصدق، ليس في هذه الرحلة جزء أو لحظة أو خطوة أقل إثارة للفخر في نفسي من غيرها. أنا فخورة بالفريق الذي استطاع ستوديو چيرافيكس جمعه. أنا فخورة بقدرتنا على الربط بين العديد من الثقافات والمحترفين والمبدعين في عالم الرسوم المتحركة. أنا فخورة بالعالم الجميل والشخصيات التي أبدعناها، وبالعمل الجاد الذي أديناه، وغيرتنا على أصالة وجودة هذه الشخصيات التي ظهرت في صور كثيرة لا يسع المقام لذكرها. أنا فخورة بالرجال والنساء الذين عملوا في هذا الفريق وبالشغف الذي أدوا به عملهم. أنا شديدة الفخر بأن الجميع كانوا على قدر عال من المسؤولية، فلم يكن هذا مشروعي وحدي، بل مشروعنا جميعًا. أنا شديدة الفخر بالعلاقات الشخصية التي كونتها مع العديد من المبدعين. أنا فخورة بالعمل الذي أديناه. ببساطة، أنا فخورة بكل شيء.

تشبو موتشي

٣- إلى أي مدى خرج الفيلم موافقًا لرؤيتك الأصلية؟

باعتباري كاتبة ومخرجة، يخرج العمل النهائي موافقًا تماما لرؤيتي الأصلية. أعتقد أن في هذه المساحات الإبداعية، الخاصة بخلق شيء بالكامل، عندما يكون لديكِ فكرة، ورسالة ما، وتضمين إليك مبدعين آخرين، فإنهم يأتون محملين بأفكارهم ومشاعرهم الخاصة، وهذه الأفكار والمشاعر تترابط بشكل ما، ومن المهم توفير مساحة لنا ولكل المبدعين للتعبير عن آرائهم واستيعاب جميع الأفراد في العملية الإبداعية. لذا فرؤيتي الأولية قد لا تماثل النسخة الأخيرة، لكنهما في جوهرهما الشيء نفسه. فالفكرة الأولية وهدف القصة، والشخصيات، والفيلم ككل، والرسالة، كل ذلك خرج كما تصورته في النسخة النهائية، ولو كان ثمة تغيير، فبفضل التعاون مع أعضاء الفريق، فهو تغيير إلى الأفضل بلا شك، وهذا جزء من الرحلة الإبداعية؛ تلك متعة هذا العمل.


٤- إلى أي مدى تعبر بطلة العمل -شيبا- عن تجاربك الشخصية؟

إلى أقصى مدى! تعكس شيبا تجربة كل البشر. لا أذكر فردًا واحدًا في هذا الفريق لم يقل إنه شعر بما شعرت به شيبا في لحظة ما من حياته، لحظة شعر فيها بأنه غير مرئي، أو غير مسموع، أو أمليت عليه هويته، أو أكره على مصيره، أو أخبره أحدهم بالطريق الذي عليه سلوكه بينما كان يدرك في نفسه أن ثمة طريق آخر أنسب له. لذا فشيبا تعكس -بلا شك- نشأتي وسط عائلتي، وبحثي في علاقتي بنسبي وأسلافي. كما كانت نشأتي بالخارج فترة ثم العودة إلى وطني بمثابة تجربة شخصية مختلفة، ساعدتني على فهم ذاتي والتعرف على جذوري ومدى أصالتها، ما مكنني من الاستعانة بذلك لتقويم خطواتي المستقبلية.


٥- إلى أي مدى أفادتك تعليقات ديزني وتريجرفِش؟

خلال مسيرتي المهنية، عملت في أقسام ومناصب استلزمت تقديم الآراء وتلقيها أيضًا. لذلك كنت شديدة الترحيب بجميع التعليقات التي تلقيتها، كما ينبغي علينا جميعًا أن نفعل. والأهم في رأيي، أن مشاركة ديزني وتريجرفِش في جميع مراحل العمل لم تكن بهدف إعطاء توجيهات متشددة، بل بهدف الحفاظ على الرؤية الأصلية التي تشاركناها معهم في البداية، وقد نجحوا في ذلك. أرى أن مراجعات ديزني وتريجرفِش لنا كانت متسقة مع التوجه الذي رسمناه نحن لأنفسنا بالفعل. فلم تكن تلك التعليقات تغير مسارنا أو تعرقل خطواتنا، بل تبقينا داخل المسار، لذا فأنا ممتنة لجميع تعليقاتهم. كانت ثمة مشقة في ذلك الأمر، لكن لا مفر من المشقة أبدًا؛ فنحن فنانون، نتعامل دائما مع عملنا بحساسية، لكني لم أشعر للحظة أنهم لا يقدرون ما أفعل أو أنهم لا يصغون إلي، وذلك قد منحنا -أنا وفريقي- الجرأة على التمسك بموقفنا في بعض المواضع، وكذلك الانفتاح على التعديلات وقبول الاختلاف. ففي النهاية، نحن نعمل مع أناس بخبرة تماثل خبرتنا بل تفوقها، وأنفع لنا أن ننصت لما يقولون ونستفيد منه. 

تشبو وكايا مع بعض أعضاء فريق چيرافيكس في القاهرة، مصر

٦- لو أمكنك تغيير شيء واحد في الفيلم، ماذا سيكون؟

يا له من سؤال حساس! لا أظن أن هناك شيء بعينه أرغب في تغييره في الفيلم. لا شك أن بداخلي ذلك المخرج المدلل الذي يرغب في زيادة مدة الفيلم، لا شك أن هذا كان ليسرني! لكن ها هنا يكمن التحدي الإبداعي في ضغط كل ما رغبت في تحقيقه في عشر دقائق فقط. أظن أن فريقي أدى مهمة عظيمة: هيا لنحيي فريق الإنتاج بچيرافيكس، خاصة للمساعدة والدعم الذي قدمها الفريق لي في اللحظات الحاسمة التي تحتم علي فيها الاختيار بين الإبقاء على بعض الأشياء أو التخلي عنها. أشعر أنها رحلة خضناها جميعًا، حتى وصلنا هنا محملين بالدروس والأشياء القيمة، ولو أني كنت لأغير شيئًا مما جرى، لما كنا في هذا المكان الذي نحن فيه الآن، وهذا المكان الذي نحن فيه الآن مكان رائع. 


٧- من شخصيتك المفضلة في الفيلم؟

آااه، مزيد من الأسئلة الصعبة. لقد خرجت جميع هذه الشخصيات من داخلي، لذا فجميعها مفضلة عندي. يمكنني القول إني أحب شيبا وهيئتها وتفاصيلها الفنية. كما أعجب بجوجو. وكذلك أحب الجد ويوي كثيرًا، فله حضور ظريف. لكني لا أرغب في ذكر جميع الشخصيات، فهذا ليس عدلًا. لقد صممت كل شخصية لتعبر عن مساحتها الخاصة والمميزة. وأمل أن يجد المشاهدون في كل شخصية ما يجذبهم. فحتى على المستوى الشخصي، لست أنا إلا خليط من البشر الذين سبقوني، لذا لا يمكنني اختيار شخصية واحدة. أنا جميع هذه الشخصيات، وأحبها كلها.


٨- هل أردت إضافة شيء إلى الفيلم ولم يسمح لك؟

ما كان يجوز لنا أن نحجم عن فعل شيء ما في الفيلم الخاص بنا. فنحن نعمل مع ديزني، هذا الكيان العملاق، إلى جانب تريجرفِش، وهما اسمين في عالم الرسوم المتحركة لهما هوية وطريقة عمل فريدة، لذا كان من المهم لنا -نحن المخرجين- أن نعالج العمل ونقولبه بحيث يلائم هوية هذين الكيانين. لم تكن هناك قواعد صارمة بالصورة التي قد يتصورها البعض، لكن كان لزامًا علينا العمل ضمن إطار يلائم ديزني كشركة مثلما يلائم رؤيتنا لمجموعة الأفلام القصيرة هذه، ولذا فلم يخبرنا أحد مرة "غير مسموح فعل كذا" بتلك الصيغة.


٩- ما التعليق الأبرز الذي تلقيته خلال العمل؟

حسنًا، تلقيت كمًا هائلًا من التعليقات. أحد أقوى التعليقات جائني من حمودة، رئيس قسم السرد القصصي في چيرافيكس، وكان يتعلق بجزء رئيسي من الحوار الذي قمت بإعادته إلى النص. كما كنت أتلقى تعليقات من بيتر رامسي -أحد المنتجين المنفذين- في كل جلسة نعقدها، جاءت تعليقاته من منظور شخصي حول رحلتي كمخرجة. كان هناك كثير من التعليقات المهمة التي أكدت لي صحة مساري المهني. كما كانت هناك تعليقات سيدني كومبو، لقد أثرت تعليقاته في الفريق ككل. لقد عانينا خلال العمل على هذه الأفلام من ضغوط ومخاوف ناجمة عن تحملنا أعباء شعوبنا، وثقافتنا، وعائلاتنا، وأشياء من هذا القبيل. أردنا قول الكثير عن بلادنا وعن قارتنا، وكان علينا اختيار ما سيقال الآن وما ينبغي تفصيله لاحقًا. ومن العجيب أن سيدني هو من نبهنا إلى نقطة تتعلق بالشخصيات وحركتها، هل كانوا أفارقة كفاية من منظورنا؟ والعجيب في ذلك أننا كنا أفارقة. أنا من جنوب إفريقيا، أصنع فيلمًا يتعلق كلية ببلدي وثقافاته المختلفة، فكان ذلك آخر ما ظننت أني مضطرة إلى التفكير فيه. وهذه هي المشكلة، لقد عملنا بجد على ضبط وتحريك شخصياتنا لكن بشيء من الانفصال عنها. نبهنا سيدني إلى ذلك حين سألنا "أهكذا تسير جداتكم؟"، وقصد من ذلك أن النساء تتحرك بشكل مختلف وفق نوعية الأرض التي تسير فوقها، وحرارة الشمس، والملابس التي ترتديها. فهل كانت شخصياتنا تتحرك بالطريقة التي نعرفها؟ كانت هذه النوعية من التعليقات شديدة الأهمية لنا، وقد استمر تأثيره على الفريق، فغدت عيوننا أكثر حدة وحساسية لهذه الأشياء. لقد تلقيت كثيرًا من التعليقات الجيدة حقًا.

تشبو في مكتب چيرافيكس مع بعض أعضاء فريق مشكلات الطوطم

١٠- كم استغرق تحويل فكرتك الأولية إلى المنتج النهائي؟

استغرقت رحلة مشكلات الطوطم ثلاث سنوات ونصف السنة حتى الآن، فقد تم العرض الأول قبل أسبوع فقط. وسيطلق العمل في المنصة في الخامس من يوليو، لذا فالرحلة لم تنته بعد، ولكن مرت السنوات، مرت ثلاث سنوات، أشعر أحيانًا أن الأمر استغرق أكثر من ذلك، ولكن حسن، صحيح أني ما كنت لأمانع العمل مع هذا الفريق بالتحديد لبضع سنوات أخرى، لكني سعيدة للغاية أننا سنقولها أخيرًا: لقد أنتجنا عملًا عظيمًا، وها هو ذا.


١١- كيف تنظمين وقتك بين المشاريع المختلفة؟

أنظم وقتي بفضل رفاق العمل الرائعين في "بلاي نايس بيكتشرز". لقد قدم لي مارك ورافايلا دعمًا عظيمًا، خاصة عندما خضت رحلة العمل في هذه المجموعة من الأفلام القصيرة التي استغرقت قدرًا هائلاً من وقتي، لكن العمل ما يزال مستمرًا، فهناك كثير من الأعمال الأخرى التي تحمست للمشاركة فيها، والتي أشارك فيها بالفعل، لذا فمن العظيم -ما دمت فردًا في شركة- أن تتلقى الدعم من زملائك. كما أشارك في عمل آخر مع تريجرفِش وديزني وإي 1، وإدراك المنتجين المنفذين لهذا الأمر و  


١٢- كيف عرضت عليك ديزني المشاركة؟

أعلنت تريجرفِش عن إتاحتها الفرصة للمخرجين الراغبين في عرض قصصهم للضم في مجموعة الأفلام. كانت الفكرة الأصلية لتلك المجموعة من بنات أفكار أحد أعضاء تريجرفِش، لكن تريجرفِش طورتها وأعادت صياغتها ثم عرضتها على ديزني. أعجبت ديزني بالفكرة بشدة، ودعت جميع المخرجين والكتاب والمبدعين في مختلف الإدارات ممن قد يجدون لديهم ما يضيفونه إلى مجموعة الأفلام تلك، فشرعنا في عرض بعض القصص. مررنا بعملية تقييم، ثم أدرجت الأفلام المختارة في القائمة القصيرة. أعدنا طرح الأفكار، وطورنا القصص ثانية، وتم إنشاء قائمة قصيرة جديدة. كانت عملية تصفية معمقة. وأخيرًا وصلت إلى المجموعات العشر الأخيرة، وهنا أخذنا نتلقى التعليقات والتقييمات المتواصلة، فنعود إلى لوحة الرسم، ونعيد طرح الفكرة.


١٣- كيف تختلف تجربة الإخراج بين أفلام الرسوم المتحركة وأفلام الحركة الحية؟ 

كتبت أعمال حركة حية، لكن لم أخرج أي منها قط. كان لذلك أسباب اكتشفت بعضها خلال رحلتي، فالكتابة مهنة محسوم أمرها عندي، أنا كاتبة، لكن ظلت هناك مساحة تردد حيال الإخراج، لم يكن هناك ما يجذبني كفاية. لكن حين تواصلت معنا تريجرفش وديزني لعرض للقصص، شعرت برغبة قوية في ذلك. والآن، بعد نهاية هذه الرحلة، أشعر بامتنان حقيقي لتلك الفرصة، وكذلك لانتهازي إياها. أرى أن المشاركة في أعمال الحركة الحية يضعك في موقع التصوير ويتيح لك التفاعل مع البشر بطريقة معينة. وأنا أعشق ذلك، أراها مساحة من العظيم تجربتها والتواجد فيها. أما إخراج الرسوم المتحركة، ففيه مشاركة مختلفة في مراحل الإنتاج، ومسؤولية التعبير عن رؤية ما، يتوجب عليك خلالها الثقة بالأشخاص الذين يتشربون تلك الرؤية ويخرجونها عبر عملهم، فهذه أعمال لا أقوم به بنفسي، لست برسام مشاهد، ولا فنان مفاهيم، ولا مصمم شخصيات، ولا منتج، لا أقوم بأي عمل من هذا. كما أشعر أن إخراج الرسوم المتحركة يستوجب نوعًا من الثقة بالآخرين لفعل الأشياء سواء بدلا منك وبالاشتراك معك، أما في الحركة الحية فالأمور تجري في اللحظة الحالية، ويمكنك التحكم في جريانها بطريقة ما. لذا فلكل منهما مستوى تحكم مختلف. وحديثي كله متعلق بتجربتي الشخصية.


١٤- آخيرًا وليس آخرًا، ما الذكرى الأقرب إليك من بين ذكريات إخراج مشكلات الطوطم؟

تتراءى لي كل الذكريات خلال نومي، حتى تلك التي نسيتها، كل واحدة، جيدة كانت أم سيئة، فبدون كل الأشياء التي مررنا بها -أكررها ثانية- ما كنا لنصل إلى هذه اللحظة، والمكان الذي نحن فيه الآن. لكن لا شك عندي أن اجتماعات الإنتاج هي من بين الذكريات المفضلة. كانت اجتماعات الإنتاج مع يامن ومريم ومنة ممتعة دائمًا، بغض النظر عما إذا كان الظرف سعيدًا أو جنوني؛ كذلك جميع لقاءاتي مع جيمي وعبد الله !! وحتى في كل اجتماع وتفاعل تشاركته مع هؤلاء الأشخاص أو أي من أعضاء الفريق، رغم عملنا من بلدان وأماكن مختلفة، وكان كل ذلك يجري عبر الإنترنت، تظل الذكريات المفضلة هي ما يتعلق بتواصلي مع الفريق على المستوى الإنساني، خارج مساحة العمل، على الرغم من قيامنا بالعمل ساعتها. لدينا مجموعة من مقاطع الفيديو التي تجمعني ببرونو من فريق الرسوم المتحركة ونحن نؤدي بعض الحركات المرجعية لشخصياتنا. كانت تلك أوقات جيدة أيضًا، لكن ذكرياتي المفضلة حقًا هي الخاصة بالتواصل الإنساني مع كل فرد في الفريق، حتى لو عبر الشاشة.

مجموعة صور لأعضاء بفريق عمل مشكلات الطوطم خلال اجتماعاتهم العديدة

تلخيصًا لهذا اللقاء الشيق، شاركتنا تشبو موتشى تفاصيل رحلتها الفريدة في صناعة فيلم مشكلات الطوطم، وتجربتها مع ديزني وتريجرفِش، وفريق چيرافكس. مدفوعة برغبتها في تجربة شيء جديد، بدأت تشبو رحلتها من دعوة أطلقتها ديزني+ وتريجرفِش لاستقبال الأفكار، لتشرع بعدها في تطوير فكرة الفيلم وتحويلها إلى عمل مميز. تخطت تشبو مراحل متعددة من التصفيات وإعادة عرض الفكرة، لتصير بالأخير مخرجة الفيلم. وبفضل مهاراتها في العمل الجماعي، اندمجت تشبو مع الفريق بسهولة، وتحولت لحظات عملهم الجاد إلى ذكريات جميلة يملؤها الشغف والمرح. أدركت تشبو عمق الفيلم الذي تعمل على إخراجه؛ فحرصت على أن تنعكس خبراتها وخبرات فريقها، ومشاعرهم، وهوياتهم على شخصيات الفيلم وعالمه. اختارت تشبو لفظ الطوطم للإشارة إلى الأسلاف والتراث بلفظ يشمل المجتمعات المختلفة. كما اجتهدت مع فريق التحريك لتأتي الشخصيات معبرة عن ثقافة جنوب إفريقيا ولغتها وطريقة حركة سكانها. وجهت تشبو فريق العمل لإخراج شخصيات تتحرك وتتفاعل مثل أشخاص واقعيين يحيون في مجتمعها، كما ساعدتهم إرشاداتها في تصميم هذه الشخصيات. بذلك، تمكنت تشبو من إخراج فيلم يليق باسم ديزني ويطابق معاييرها العالية دون أي مساس بروح الفيلم وأصالته. وهنا، استطاعت تشبو وفريقها صناعة عمل يفتخرون به.

في إطار سعينا لتعريفكم بخبراء المجال من جميع أنحاء العالم وعرض لمحات من تجاربهم وخبراتهم، يسرنا تقديم شخصية متميزة ندين لها بالكثير من النجاح الذي لاقاه فيلم مشكلات الطوطم. تشبو موتشي كاتبة ومخرجة وصانعة أفلام جنوب إفريقية، كان من آخر أنشطتها العمل كاتبة ومخرجة إبداعية تنفيذية لمسلسل ديزني+ المنتظر "كيا"، والعمل مخرجة ظل (Shadow director) لمسلسل (Mama K’s Team 4) أول إنتاج رسوم متحركة أصلي لمنصة نتفلكس في إفريقيا، والعمل مخرجة للفيلم القصير مشكلات الطوطم علاوة على المشاركة في كتابته مع مامي بواتينج (غانا/كندا) وخديدياتو ضيوف (السنغال). في هذا اللقاء، نحاور موتشي لكشف المزيد من أسرار فيلم مشكلات الطوطم، حيث تحدثنا عن مصادر الإلهام والتحديات وتقييمها للتجربة والرسالة التي تأمل في إيصالها إلى جمهور العمل.

وإن كنت تفضل مشاهدة اللقاء عن قراءته، فيمكنك الاستمتاع بمشاهدة اللقاء الحصري مع تشبو بالضغط على الرابط بالأسفل.

١- في 20 كلمة فقط، أخبرينا بما يمثله الطوطم.

حسنًا، أود القول أولًا أني استخدمت مصطلح الطوطم لدلالته التي يمكن لأكثر الناس حول العالم استيعابها. فقد يكون الطوطم نباتًا أو حيوانًا أو سلفًا أو لقبًا عائليًا أو شارة متوارثة. أما عن الطوطم في هذا الفيلم فكان يمثل العلاقة التي تربطنا بأسلافنا، بسلالتنا، بالذين سبقونا، يمثل الأصل الذي أتينا منه سواء شعوبًا وأفرادً. إنه يمثل مجتمعاتنا وأعراقنا على نحو ما.


٢- أي جانب من هذا العمل أشد إثارة للفخر في نفسك؟

أنا فخورة بكل شيء. وأقولها بصدق، ليس في هذه الرحلة جزء أو لحظة أو خطوة أقل إثارة للفخر في نفسي من غيرها. أنا فخورة بالفريق الذي استطاع ستوديو چيرافيكس جمعه. أنا فخورة بقدرتنا على الربط بين العديد من الثقافات والمحترفين والمبدعين في عالم الرسوم المتحركة. أنا فخورة بالعالم الجميل والشخصيات التي أبدعناها، وبالعمل الجاد الذي أديناه، وغيرتنا على أصالة وجودة هذه الشخصيات التي ظهرت في صور كثيرة لا يسع المقام لذكرها. أنا فخورة بالرجال والنساء الذين عملوا في هذا الفريق وبالشغف الذي أدوا به عملهم. أنا شديدة الفخر بأن الجميع كانوا على قدر عال من المسؤولية، فلم يكن هذا مشروعي وحدي، بل مشروعنا جميعًا. أنا شديدة الفخر بالعلاقات الشخصية التي كونتها مع العديد من المبدعين. أنا فخورة بالعمل الذي أديناه. ببساطة، أنا فخورة بكل شيء.

تشبو موتشي

٣- إلى أي مدى خرج الفيلم موافقًا لرؤيتك الأصلية؟

باعتباري كاتبة ومخرجة، يخرج العمل النهائي موافقًا تماما لرؤيتي الأصلية. أعتقد أن في هذه المساحات الإبداعية، الخاصة بخلق شيء بالكامل، عندما يكون لديكِ فكرة، ورسالة ما، وتضمين إليك مبدعين آخرين، فإنهم يأتون محملين بأفكارهم ومشاعرهم الخاصة، وهذه الأفكار والمشاعر تترابط بشكل ما، ومن المهم توفير مساحة لنا ولكل المبدعين للتعبير عن آرائهم واستيعاب جميع الأفراد في العملية الإبداعية. لذا فرؤيتي الأولية قد لا تماثل النسخة الأخيرة، لكنهما في جوهرهما الشيء نفسه. فالفكرة الأولية وهدف القصة، والشخصيات، والفيلم ككل، والرسالة، كل ذلك خرج كما تصورته في النسخة النهائية، ولو كان ثمة تغيير، فبفضل التعاون مع أعضاء الفريق، فهو تغيير إلى الأفضل بلا شك، وهذا جزء من الرحلة الإبداعية؛ تلك متعة هذا العمل.


٤- إلى أي مدى تعبر بطلة العمل -شيبا- عن تجاربك الشخصية؟

إلى أقصى مدى! تعكس شيبا تجربة كل البشر. لا أذكر فردًا واحدًا في هذا الفريق لم يقل إنه شعر بما شعرت به شيبا في لحظة ما من حياته، لحظة شعر فيها بأنه غير مرئي، أو غير مسموع، أو أمليت عليه هويته، أو أكره على مصيره، أو أخبره أحدهم بالطريق الذي عليه سلوكه بينما كان يدرك في نفسه أن ثمة طريق آخر أنسب له. لذا فشيبا تعكس -بلا شك- نشأتي وسط عائلتي، وبحثي في علاقتي بنسبي وأسلافي. كما كانت نشأتي بالخارج فترة ثم العودة إلى وطني بمثابة تجربة شخصية مختلفة، ساعدتني على فهم ذاتي والتعرف على جذوري ومدى أصالتها، ما مكنني من الاستعانة بذلك لتقويم خطواتي المستقبلية.


٥- إلى أي مدى أفادتك تعليقات ديزني وتريجرفِش؟

خلال مسيرتي المهنية، عملت في أقسام ومناصب استلزمت تقديم الآراء وتلقيها أيضًا. لذلك كنت شديدة الترحيب بجميع التعليقات التي تلقيتها، كما ينبغي علينا جميعًا أن نفعل. والأهم في رأيي، أن مشاركة ديزني وتريجرفِش في جميع مراحل العمل لم تكن بهدف إعطاء توجيهات متشددة، بل بهدف الحفاظ على الرؤية الأصلية التي تشاركناها معهم في البداية، وقد نجحوا في ذلك. أرى أن مراجعات ديزني وتريجرفِش لنا كانت متسقة مع التوجه الذي رسمناه نحن لأنفسنا بالفعل. فلم تكن تلك التعليقات تغير مسارنا أو تعرقل خطواتنا، بل تبقينا داخل المسار، لذا فأنا ممتنة لجميع تعليقاتهم. كانت ثمة مشقة في ذلك الأمر، لكن لا مفر من المشقة أبدًا؛ فنحن فنانون، نتعامل دائما مع عملنا بحساسية، لكني لم أشعر للحظة أنهم لا يقدرون ما أفعل أو أنهم لا يصغون إلي، وذلك قد منحنا -أنا وفريقي- الجرأة على التمسك بموقفنا في بعض المواضع، وكذلك الانفتاح على التعديلات وقبول الاختلاف. ففي النهاية، نحن نعمل مع أناس بخبرة تماثل خبرتنا بل تفوقها، وأنفع لنا أن ننصت لما يقولون ونستفيد منه. 

تشبو وكايا مع بعض أعضاء فريق چيرافيكس في القاهرة، مصر

٦- لو أمكنك تغيير شيء واحد في الفيلم، ماذا سيكون؟

يا له من سؤال حساس! لا أظن أن هناك شيء بعينه أرغب في تغييره في الفيلم. لا شك أن بداخلي ذلك المخرج المدلل الذي يرغب في زيادة مدة الفيلم، لا شك أن هذا كان ليسرني! لكن ها هنا يكمن التحدي الإبداعي في ضغط كل ما رغبت في تحقيقه في عشر دقائق فقط. أظن أن فريقي أدى مهمة عظيمة: هيا لنحيي فريق الإنتاج بچيرافيكس، خاصة للمساعدة والدعم الذي قدمها الفريق لي في اللحظات الحاسمة التي تحتم علي فيها الاختيار بين الإبقاء على بعض الأشياء أو التخلي عنها. أشعر أنها رحلة خضناها جميعًا، حتى وصلنا هنا محملين بالدروس والأشياء القيمة، ولو أني كنت لأغير شيئًا مما جرى، لما كنا في هذا المكان الذي نحن فيه الآن، وهذا المكان الذي نحن فيه الآن مكان رائع. 


٧- من شخصيتك المفضلة في الفيلم؟

آااه، مزيد من الأسئلة الصعبة. لقد خرجت جميع هذه الشخصيات من داخلي، لذا فجميعها مفضلة عندي. يمكنني القول إني أحب شيبا وهيئتها وتفاصيلها الفنية. كما أعجب بجوجو. وكذلك أحب الجد ويوي كثيرًا، فله حضور ظريف. لكني لا أرغب في ذكر جميع الشخصيات، فهذا ليس عدلًا. لقد صممت كل شخصية لتعبر عن مساحتها الخاصة والمميزة. وأمل أن يجد المشاهدون في كل شخصية ما يجذبهم. فحتى على المستوى الشخصي، لست أنا إلا خليط من البشر الذين سبقوني، لذا لا يمكنني اختيار شخصية واحدة. أنا جميع هذه الشخصيات، وأحبها كلها.


٨- هل أردت إضافة شيء إلى الفيلم ولم يسمح لك؟

ما كان يجوز لنا أن نحجم عن فعل شيء ما في الفيلم الخاص بنا. فنحن نعمل مع ديزني، هذا الكيان العملاق، إلى جانب تريجرفِش، وهما اسمين في عالم الرسوم المتحركة لهما هوية وطريقة عمل فريدة، لذا كان من المهم لنا -نحن المخرجين- أن نعالج العمل ونقولبه بحيث يلائم هوية هذين الكيانين. لم تكن هناك قواعد صارمة بالصورة التي قد يتصورها البعض، لكن كان لزامًا علينا العمل ضمن إطار يلائم ديزني كشركة مثلما يلائم رؤيتنا لمجموعة الأفلام القصيرة هذه، ولذا فلم يخبرنا أحد مرة "غير مسموح فعل كذا" بتلك الصيغة.


٩- ما التعليق الأبرز الذي تلقيته خلال العمل؟

حسنًا، تلقيت كمًا هائلًا من التعليقات. أحد أقوى التعليقات جائني من حمودة، رئيس قسم السرد القصصي في چيرافيكس، وكان يتعلق بجزء رئيسي من الحوار الذي قمت بإعادته إلى النص. كما كنت أتلقى تعليقات من بيتر رامسي -أحد المنتجين المنفذين- في كل جلسة نعقدها، جاءت تعليقاته من منظور شخصي حول رحلتي كمخرجة. كان هناك كثير من التعليقات المهمة التي أكدت لي صحة مساري المهني. كما كانت هناك تعليقات سيدني كومبو، لقد أثرت تعليقاته في الفريق ككل. لقد عانينا خلال العمل على هذه الأفلام من ضغوط ومخاوف ناجمة عن تحملنا أعباء شعوبنا، وثقافتنا، وعائلاتنا، وأشياء من هذا القبيل. أردنا قول الكثير عن بلادنا وعن قارتنا، وكان علينا اختيار ما سيقال الآن وما ينبغي تفصيله لاحقًا. ومن العجيب أن سيدني هو من نبهنا إلى نقطة تتعلق بالشخصيات وحركتها، هل كانوا أفارقة كفاية من منظورنا؟ والعجيب في ذلك أننا كنا أفارقة. أنا من جنوب إفريقيا، أصنع فيلمًا يتعلق كلية ببلدي وثقافاته المختلفة، فكان ذلك آخر ما ظننت أني مضطرة إلى التفكير فيه. وهذه هي المشكلة، لقد عملنا بجد على ضبط وتحريك شخصياتنا لكن بشيء من الانفصال عنها. نبهنا سيدني إلى ذلك حين سألنا "أهكذا تسير جداتكم؟"، وقصد من ذلك أن النساء تتحرك بشكل مختلف وفق نوعية الأرض التي تسير فوقها، وحرارة الشمس، والملابس التي ترتديها. فهل كانت شخصياتنا تتحرك بالطريقة التي نعرفها؟ كانت هذه النوعية من التعليقات شديدة الأهمية لنا، وقد استمر تأثيره على الفريق، فغدت عيوننا أكثر حدة وحساسية لهذه الأشياء. لقد تلقيت كثيرًا من التعليقات الجيدة حقًا.

تشبو في مكتب چيرافيكس مع بعض أعضاء فريق مشكلات الطوطم

١٠- كم استغرق تحويل فكرتك الأولية إلى المنتج النهائي؟

استغرقت رحلة مشكلات الطوطم ثلاث سنوات ونصف السنة حتى الآن، فقد تم العرض الأول قبل أسبوع فقط. وسيطلق العمل في المنصة في الخامس من يوليو، لذا فالرحلة لم تنته بعد، ولكن مرت السنوات، مرت ثلاث سنوات، أشعر أحيانًا أن الأمر استغرق أكثر من ذلك، ولكن حسن، صحيح أني ما كنت لأمانع العمل مع هذا الفريق بالتحديد لبضع سنوات أخرى، لكني سعيدة للغاية أننا سنقولها أخيرًا: لقد أنتجنا عملًا عظيمًا، وها هو ذا.


١١- كيف تنظمين وقتك بين المشاريع المختلفة؟

أنظم وقتي بفضل رفاق العمل الرائعين في "بلاي نايس بيكتشرز". لقد قدم لي مارك ورافايلا دعمًا عظيمًا، خاصة عندما خضت رحلة العمل في هذه المجموعة من الأفلام القصيرة التي استغرقت قدرًا هائلاً من وقتي، لكن العمل ما يزال مستمرًا، فهناك كثير من الأعمال الأخرى التي تحمست للمشاركة فيها، والتي أشارك فيها بالفعل، لذا فمن العظيم -ما دمت فردًا في شركة- أن تتلقى الدعم من زملائك. كما أشارك في عمل آخر مع تريجرفِش وديزني وإي 1، وإدراك المنتجين المنفذين لهذا الأمر و  


١٢- كيف عرضت عليك ديزني المشاركة؟

أعلنت تريجرفِش عن إتاحتها الفرصة للمخرجين الراغبين في عرض قصصهم للضم في مجموعة الأفلام. كانت الفكرة الأصلية لتلك المجموعة من بنات أفكار أحد أعضاء تريجرفِش، لكن تريجرفِش طورتها وأعادت صياغتها ثم عرضتها على ديزني. أعجبت ديزني بالفكرة بشدة، ودعت جميع المخرجين والكتاب والمبدعين في مختلف الإدارات ممن قد يجدون لديهم ما يضيفونه إلى مجموعة الأفلام تلك، فشرعنا في عرض بعض القصص. مررنا بعملية تقييم، ثم أدرجت الأفلام المختارة في القائمة القصيرة. أعدنا طرح الأفكار، وطورنا القصص ثانية، وتم إنشاء قائمة قصيرة جديدة. كانت عملية تصفية معمقة. وأخيرًا وصلت إلى المجموعات العشر الأخيرة، وهنا أخذنا نتلقى التعليقات والتقييمات المتواصلة، فنعود إلى لوحة الرسم، ونعيد طرح الفكرة.


١٣- كيف تختلف تجربة الإخراج بين أفلام الرسوم المتحركة وأفلام الحركة الحية؟ 

كتبت أعمال حركة حية، لكن لم أخرج أي منها قط. كان لذلك أسباب اكتشفت بعضها خلال رحلتي، فالكتابة مهنة محسوم أمرها عندي، أنا كاتبة، لكن ظلت هناك مساحة تردد حيال الإخراج، لم يكن هناك ما يجذبني كفاية. لكن حين تواصلت معنا تريجرفش وديزني لعرض للقصص، شعرت برغبة قوية في ذلك. والآن، بعد نهاية هذه الرحلة، أشعر بامتنان حقيقي لتلك الفرصة، وكذلك لانتهازي إياها. أرى أن المشاركة في أعمال الحركة الحية يضعك في موقع التصوير ويتيح لك التفاعل مع البشر بطريقة معينة. وأنا أعشق ذلك، أراها مساحة من العظيم تجربتها والتواجد فيها. أما إخراج الرسوم المتحركة، ففيه مشاركة مختلفة في مراحل الإنتاج، ومسؤولية التعبير عن رؤية ما، يتوجب عليك خلالها الثقة بالأشخاص الذين يتشربون تلك الرؤية ويخرجونها عبر عملهم، فهذه أعمال لا أقوم به بنفسي، لست برسام مشاهد، ولا فنان مفاهيم، ولا مصمم شخصيات، ولا منتج، لا أقوم بأي عمل من هذا. كما أشعر أن إخراج الرسوم المتحركة يستوجب نوعًا من الثقة بالآخرين لفعل الأشياء سواء بدلا منك وبالاشتراك معك، أما في الحركة الحية فالأمور تجري في اللحظة الحالية، ويمكنك التحكم في جريانها بطريقة ما. لذا فلكل منهما مستوى تحكم مختلف. وحديثي كله متعلق بتجربتي الشخصية.


١٤- آخيرًا وليس آخرًا، ما الذكرى الأقرب إليك من بين ذكريات إخراج مشكلات الطوطم؟

تتراءى لي كل الذكريات خلال نومي، حتى تلك التي نسيتها، كل واحدة، جيدة كانت أم سيئة، فبدون كل الأشياء التي مررنا بها -أكررها ثانية- ما كنا لنصل إلى هذه اللحظة، والمكان الذي نحن فيه الآن. لكن لا شك عندي أن اجتماعات الإنتاج هي من بين الذكريات المفضلة. كانت اجتماعات الإنتاج مع يامن ومريم ومنة ممتعة دائمًا، بغض النظر عما إذا كان الظرف سعيدًا أو جنوني؛ كذلك جميع لقاءاتي مع جيمي وعبد الله !! وحتى في كل اجتماع وتفاعل تشاركته مع هؤلاء الأشخاص أو أي من أعضاء الفريق، رغم عملنا من بلدان وأماكن مختلفة، وكان كل ذلك يجري عبر الإنترنت، تظل الذكريات المفضلة هي ما يتعلق بتواصلي مع الفريق على المستوى الإنساني، خارج مساحة العمل، على الرغم من قيامنا بالعمل ساعتها. لدينا مجموعة من مقاطع الفيديو التي تجمعني ببرونو من فريق الرسوم المتحركة ونحن نؤدي بعض الحركات المرجعية لشخصياتنا. كانت تلك أوقات جيدة أيضًا، لكن ذكرياتي المفضلة حقًا هي الخاصة بالتواصل الإنساني مع كل فرد في الفريق، حتى لو عبر الشاشة.

مجموعة صور لأعضاء بفريق عمل مشكلات الطوطم خلال اجتماعاتهم العديدة

تلخيصًا لهذا اللقاء الشيق، شاركتنا تشبو موتشى تفاصيل رحلتها الفريدة في صناعة فيلم مشكلات الطوطم، وتجربتها مع ديزني وتريجرفِش، وفريق چيرافكس. مدفوعة برغبتها في تجربة شيء جديد، بدأت تشبو رحلتها من دعوة أطلقتها ديزني+ وتريجرفِش لاستقبال الأفكار، لتشرع بعدها في تطوير فكرة الفيلم وتحويلها إلى عمل مميز. تخطت تشبو مراحل متعددة من التصفيات وإعادة عرض الفكرة، لتصير بالأخير مخرجة الفيلم. وبفضل مهاراتها في العمل الجماعي، اندمجت تشبو مع الفريق بسهولة، وتحولت لحظات عملهم الجاد إلى ذكريات جميلة يملؤها الشغف والمرح. أدركت تشبو عمق الفيلم الذي تعمل على إخراجه؛ فحرصت على أن تنعكس خبراتها وخبرات فريقها، ومشاعرهم، وهوياتهم على شخصيات الفيلم وعالمه. اختارت تشبو لفظ الطوطم للإشارة إلى الأسلاف والتراث بلفظ يشمل المجتمعات المختلفة. كما اجتهدت مع فريق التحريك لتأتي الشخصيات معبرة عن ثقافة جنوب إفريقيا ولغتها وطريقة حركة سكانها. وجهت تشبو فريق العمل لإخراج شخصيات تتحرك وتتفاعل مثل أشخاص واقعيين يحيون في مجتمعها، كما ساعدتهم إرشاداتها في تصميم هذه الشخصيات. بذلك، تمكنت تشبو من إخراج فيلم يليق باسم ديزني ويطابق معاييرها العالية دون أي مساس بروح الفيلم وأصالته. وهنا، استطاعت تشبو وفريقها صناعة عمل يفتخرون به.